الدعاء.. فضله وحقيقته وأدبه وثمرته



الدعاء.. فضله وحقيقته وأدبه وثمرته

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ولا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا.
أما بعد ... فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (آل عمران102)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب 71)
وبعد:ـ أيها الأخوة الأعزاء
قل للطبيب تخطفته يد الردى……من يا طبيب بطبه أرداك
قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت……فنون الطب: من عافاك؟

عباد الله: يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يُكنى أبا مِعْلَق، وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره، يضرب به في الآفاق وكان ناسكا ورعا.
فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح فقال له: ضع ما معك فإني قاتلك .قال ما تريد إلى دمي شأنك بالمال.
قال: أما المال فلي ولست أريد إلا دمك. قال: أما إذا أبيت فذرني أُصلي أربع ركعات، قال: صل ما بدا لك، قال: فتوضأ ثم صلى أربع ركعات.
فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: يا ودود ياذا العرش المجيد أسألك بعزك الذي لايرام، وملكك الذي لايضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني ثلاث مرات.
فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة واضعها بين أُذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله.
ثم أقبل إليه فقال: قم. قال: من أنت بأبي وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم؟
قال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول، فسمعتُ لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعتُ لأهل السماء ضجةً. ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي دعاء مكروب فسألت الله تعالى أن يُوليني قتله

هكذا عندما تنزل المحن و تشتد الخطوب وتتوالى الكروب وتعظم الرزايا وتتابع الشدائد، لن يكون أمام المسلم إلا أن يلجأ إلى الله تعالى ويلوذ بجانبه، ويضرع إليه راجيا تحقيق وعده، الذي وعد به عباده المؤمنين إذ يقول الله تعالى: وقال ربكم ادعوني استجب لكم [فاطر:60]. ويقول:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) [البقرة:186]. فإني قريب ..أجيب دعوة الداع إذا دعان
تولى بنفسه جل جلاله الجواب على عباده بمجرد السؤال فقط!، قريب الود المؤُنس، والرضى الُمطمئن، والثقة واليقين
قال عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يسأل الله يغضب عليه)
هذا أبو الدرداء كان جالساً فجاءه جماعة يقولون له: إن بيتك قد احترق، فقال لهم أبو الدرداء: لا، ولا ينبغي له أن يحترق، كلمات سمعتها من رسول الله يقول: (من قالهن حين يصبح لم يمسسه السوء حتى يمسي، ومن قالهن حين يمسي لم يمسسه السوء حتى يصبح: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم)، قاموا معه حتى يروا الدار، فإذا هي قائمة لم يمسسها السوء وما حولها قد احترق.
وقال صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن الله طيب لايقبل إلا طيبا)، الحديث وفيه: (ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك)
وليسأل ربه اللطف في القضاء والعافية من البلاء قال صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء)
الله يغضب إن تركت سؤاله…وترى ابن آدم حين يُسأل يغضب
أيها المسلمون: لقد كان نبيكم صلى الله عليه وسلم إذا أهمه أمر رفع رأسه إلى السماء فدعا يتلمس الفرج والنجدة من رب السماء، وكم له صلى الله عليه وسلم من الدعوات عند الكروب ونوازل الخطوب فعندما آذته ثقيف جلس صلى الله عليه وسلم إلى ظل شجرة ورفع رأسه إلى السماء ضارعا يقول: (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي) الحديث.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه قال: وهي ساعة خفيفة) رواه البخاري ومسلم
أن يغتنم الأحوال الشريفة كحال الزحف, وعند نزول الغيث, وعند إفطار الصائم, وحالة السجود, وفي حال السفر.
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا ……وارحم أيا ربّ ذنباً جنيناه
كم نطلب الله في خير يحل بنا……فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا……فإن رجعنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة…فما سقطنا لأن الحافظ الله
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل (اللهم لك الحمد, أنت نور السموات والأرض, ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض, ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن, وأنت الحق ووعدك الحق, وقولك الحق, ولقاؤك حق, والجنة حق، والنار حق, والساعة حق, اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت, وإليك أنبت, وبك خاصمت, وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت, وأسررت وأعلنت, أنت إلهي لا إله إلا أنت
خرج نبي الله سليمان عليه السلام يستسقي بالناس، فمر في الطريق بنملة وإذا هي قد انقلبت على ظهرها ورفعت يديها إلى الحي القيوم تقول: يا حي يا قيوم أغثنا برحمتك.
لا إله إلا الله من الذي أخبر النملة أن الله خلقها؟! من الذي أخبر النملة أن الذي يحيي ويميت ويضر وينفع هو الله؟!! إنه الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. بكى نبي الله سليمان، وقال لقومه: عودوا فقد سقيتم بدعاء غيركم.
يقول جعفر الصادق : عجبت لأربعة كيف يغفلون عن أربع: عجبت لمن أصابه ضر كيف يغفل عن قول الله: أَنّى مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]، والله سبحانه وتعالى يقول: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ [الأنبياء:84]، وعجبت لمن أصابه غم كيف يغفل عن قول الله: لاَّ اله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]، والله سبحانه وتعالى يقول: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمّ وَكَذالِكَ نُنجِى الْمُؤْمِنِينَ [المؤمنين:88]، وعجبت لمن يخاف كيف يغفل عن: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173]، والله تعالى يقول: فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء [آل عمران:174]، وعجبت لمن يمكر به الناس كيف يغفل عن وَأُفَوّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [غافر:44]، والله تعالى يقول: فَوقَاهُ اللَّهُ سَيّئَاتِ مَا مَكَرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوء الْعَذَابِ [غافر:45].
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودَرَك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، ونسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى. وأحسن اللهم عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خذي منى العفو تستديمي مودتي

تكريمه صلى الله عليه وسلم

الدعاء للطفل