شهر رمضان شهر الجود



شهر رمضان شهر الجود
قاله محمد بن سليمان
عباد الله ـ وشهر رمضان شهر الجود والعطاء والصدقة؟!
الصوم ـ عباد الله ـ فريضة من فرائض الإسلام، وحصنٌ حصينٌ من الشهوات وجُنّةٌ من النار، سلك الناس معه مسالك شتى وطرقًا متفرقةً، لا تجتمع أبدًا، فمن الناس من ينظر إلى رمضان على أنه حرمانٌ من اللذات والشهوات، يصوم عن الطعام والشراب على مضضٍ، وربما لا يتورع عن غيبةٍ ولا يتنزه عن نميمةٍ، وجهُه مُحمَر، وصدره ضيق، قد سَئِمَ ذكرَ رمضان، فهو أثقل الشهور عليه، يكابد فيه العناء من الجوع والمشقة من العطش، لا يَرى في رمضان إلا ِوثاقًا مشدودًا أمام رغباته وشهواته.
ومن الناس ـ عباد الله ـ من ينظر إلى رمضانَ على أنه موسمٌ للبطون، ومضمارٌ تتنافس فيه الموائدُ الزاخرة بصنوف الأطعمة وألوان الأشربة، فتراهم قبل دخول هلال رمضان يفزعون إلى الأسواق من كل فج عميق، يكيلون من الأطعمة ويتزودون من الكماليات، وكأن رمضانَ حفلةُ زفاف أو وليمة ُنجاح تُبسط فيها الموائدُ العريضة، وتنشر الأطعمة المتنوعة، ثم ترمى في النفايات، ناهيك عن جلب المأكولات من الأطعمة ومحلات الوجبات السريعة.
ومن الناس ـ عباد الله ـ من جعل رمضان فرصة سانحة للَّهو والسمر والسهر، ثم انطراح في الفراش كالموتى إلى الغروب، لا بصيام يتلذذون، ولا بقيام يعبدون، ليلهم ضياع، ونهارهم خسران، بين مجالس الغيبة والنميمة، وبين قنوات البث المباشر بخيماته الماجنة وفوازيره الضائعة، فسبحان الله! ماذا يستفيد هؤلاء من شهر الطاعة والمغفرة؟!
انظروا ـ عباد الله ـ إلى الشباب الضائعين التائهين الذين يعيشون في رمضان سبهللاً في الشوارع، يتصيدون عثرات الناس، ويتتبعون عوراتهم، ويؤذونهم في الطرق والممرات والمساجد، يعاكسون ويشاكسون، وفئام من الناس لا يعرفون الله إلا في رمضان، فكم ممن يدّعي الإسلام ويجاور مساجدَ الله لم يُرَ فيها مصلّيًا إلا في رمضان، وبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان، وإن تعجب فعجب حال هؤلاء الذين فرقوا بين رب الشهور وهو واحد، وحكموا على أنفسهم بالنفاق، وأشهدوا الناس على سوء صنيعهم، إذا جاء رمضان رأيتَهم ركعًا سُجدًا خاشعين ضارعين، قد صفدت شياطينهم وطابت نفوسهم، فإذا انسلخ رمضان ولوا على أدبارهم نفورًا، ونكصوا على أعقابهم، وعادوا لما نُهوا عنه من المعاصي والآثام، حتى إن السنة لتمضي ولم يُرَ أحدُهم في المساجد مع المصلين، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142].
وخير الناس ـ عباد الله ـ من ينتظرون رمضان بفارغ الصبر، وتزداد فرحتهم بدخوله، فيشمرون عن ساعد الجد، ويجتهدون في الطاعة بشتى أنواعها، من صيام وقيام وتلاوة وتسبيح واستغفار وذكر وتصدق وإحسان.
وهكذا كان حال السلف، يستقبلون رمضان بالبكاء من خشية الله سبحانه وتعالى، يرجون رحمته ويخافون عذابه، ويسألون الله قبوله منهم والعفو عنهم فيه والتجاوز عن سيئاتهم.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خذي منى العفو تستديمي مودتي

تكريمه صلى الله عليه وسلم

الدعاء للطفل